الاثنين، 24 يناير 2011

إلى المناضل يعقوب في مثواه الأخير

بقلم: محمدو ولد محمد موسى
تلقيت اليوم ببالغ الأسف نبأ وفاتك متأثرا بحروقك، بعد أن كنت بدأت الطريق وأثرت الشرارة الأولى للبدء في نمط جديد من النضال لم يسبق لبلدنا أن عرفه، فأعطيت الضوء الأخضر للمطالبة الجادة بالحقوق ونفضت غبار التدجين والاستسلام عن نفوس أخرى مطحونة بنفس الواقع الذي وعيته وتصرفت انطلاقا منه.
لم ترض لنا أن نقف دون أمثالنا في مراتب التضحية وتقديم الدماء والأرواح في سبيل تقدمنا وازدهار بلدنا وإشاعة العدل والمساواة بيننا فانتصبت لترد على نداءات التونسيين الشرفاء، منبريا لمنافسة أخيك البوعزيزي في فعلته الشجاعة والوطنية في وقت كثر فيه الجبن وساد العهر والتملق والخوف المرضي من الأنظمة البوليسية، فأخرجت القنينة وعود الثقاب وكان رجع صدى تعبيرك هذا مدويا في آذان من أردت أن ترسل إليهم الرسالة.
وصلت رسالتك وأثارت الرعب في صفوف الحاكمين وأربكت الجميع فطفق بعضهم يصنفك قادما من كوكب آخر لديك مشاكل نفسية تفاقمت حتى أقدمت على الفعلة، وبعضهم اعتبرك غنيا لديك مشاكل مع وزارة الصحة، والبعض الآخر رماك بالاحتماء لعشيرتك الأقربين... ومن بين سطور هذا وذاك اكتشفناك وعرفنا من تكون وذلك من خلال برنامجك المتكامل والناضج والوطني الذي ينم عن اطلاع على الواقع ووعي به، والذي أشار إليه هؤلاء ربما عن طريق الخطأ، وهو ما عمقته لدينا صفحتك على "الفيس بوك" حينما قرأنا، ومن دون وسطاء هذه المرة، الشعارات التي كنت ترفعها والقضايا التي كنت تنادي بها سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو القانوني... لم تكن أبدا سافلا ولم تنطلق من رؤية ضيقة ولم يكن لمشاكل المال والأعمال أي بصمة على ما دونته يمينك على صفحتك.. كما انه لم يحمل أمارات الاختلال العقلي والعاهة النفسية..
أبدا لقد كان ذلك مجرد افتراءات عليك وظلم في حقك ينضاف إلى الظلم الذي دفعك إلى ما قمت به.
لم يقتصر ظلمك على ذلك يا عزيزي بل إنك وأنت طريح فراشك كان النظام وسدنته يعملون بما أوتوا من حيلة، لا على النهش في عرضك، لان ذلك لا يهمك، وإنما على قتل شرارة الوعي والاستعداد للتضحية اللذين أثرتهما في كل نفس تكتوي بمرارة هذا الواقع الأليم متشفين فيك تارة ومتهمينك تارات أخرى بأشياء تتعلق بالعقيدة لن أتفوه بها لأنني على يقين من انك منها براء. وهم في ذلك يحاولون استخدام سلاحك ضدك فعلى طريقتهم المعهودة ومن خلال أخطبوب نظامهم باجنحته التي لا يوحدها سوى نهب ثرواتنا يحاولون تسويد صورتك عند بؤساء الشعب والذين رأى كل منهم ذاته فيك حينما أقدمت على رفضك الجسور وطريقتك الحادة في التعبير عن رأيك.
اليوم ترحل عن هذه الحياة البائسة لم تغترف خطيئة في حق احد فلا أنت سرقت من ميزانية الشعب فلسا, ولا أنت أطريت نظاما وانقلبت عند سقوطه على إعقابك تكيل له الشتائم وتكذب نفسك بنفسك, ولا أنت امتهنت النفاق وسيلة لتحصيل كسب عيشك, ولا أنت كفرت أحدا, بل على العكس من ذلك لم ترض السكوت على الباطل ودعيت إلى طريق الحق, ولما لم يجد ذلك بالكلام جربت الفعل هذه المرة فأفدت وأسمعت لو ناديت حيا...
أنا لا يخالجني أدنى شك في أن نواياك الطيبة وروحك المبدئية وإحساسك الوطني ووعيك الثاقب بالواقع ورفضك للظلم والتلاعب بالأملاك العامة وإحساسك بالمسؤولية الأخروية في خطورة التواطؤ على هذا النهج, وإن صار روتينا بالنسبة للكثيرين حيث انه لا يثير أي انتباه, هي ما دفعك إلى ما قمت به. كما أنني على قناعة تامة بان الحرام عين الحرام هو الظلم والسرقة والتحايل وأكل ملك العموم والكذب والنفاق والتدليس والتزوير والعمل لأجندات أجنبية... والنهش في أعراض الناس واتهامهم بالخروج من الملة... وغير ذلك مما يتموج في مستنقعه الذين صرخت في وجوههم, لكن ليس هناك أي احد يملك من الشجاعة ما تحليت به فلا احد من "مثقفينا" بإمكانه أن يقول وبأعلى صوته بان هذا حرام ومرفوض وصاحبه إلى مصير ماحق.
واليوم وبعد أن أسلمت روحك إلى باريها هاهم يتشفون من جديد مع أن أدبياتنا الشعبية تقول بأن "الموت ما فيها اشفاي"، لكنهم في ذلك مخطؤون فأنت لن ترحل رغم أنوفهم ستبقى معتملا في ذهن كل طامح إلى العدل، تائق إلى الإنصاف، ناشد لإحقاق الحق ورد الاعتبار للشعب, منافح عن حقوق ظلت مهدورة ترفع تارة كشعارات انتخابية ثم ما تلبث أن يعلو عليها ضجيج النهب والمطالبة بتسوية مشكل آلية الحكم والتحقيق في ملف المخدرات ومشكل الهجرة السرية والصفقات مع الشركات الأجنبية...
لقد طبعت تفكير المحرومين والمظلومين بطابع "يعقوبي" فارق قوامه الشجاعة والحدة والجدية والصرامة والوضوح والصدق مع الذات وعدم التردد وساهمت في صنع المناخ الذي أصبح بعض من الشعوب التي كانت مقهورة بالأمس على وشك التلذذ بثماره, وهو شيء وان استبعده بعض من أشقائنا في الوطن فانه قادم لا محالة حيث إن رماد تلك الشرارة التي أثرت سيبقى محتضنا لأعقاب ستشتعل بعد حين مدفوعة بك كرمز ومثال ومرجعية مترسمة طريقك ومكملة مشوارك.
لا أريد أن انهي رسالتي إليك ولكنني لا أريد أن استبق الزمن ولا أن اشحن الرسالة باستشرافات هي قادمة لا محالة والحديث عنها تحصيل حاصل والكلام عنها ابلغ منه القيام بها على ارض الواقع كما علمتنا: "إن الكلام لم يعد يجدي وبالتالي فعلى النضال الجاد أن يدخل دائرة الفعل".
وفي النهاية ثق بأن جميع الذين يحاولون تجريد فعلك النضالي من أي صفة تمت لذلك المعجم بصلة هم أول من سيعترفون برمزيتك عندما تتكامل جهود "يعاقبة" شعبك المظلوم وسيلهجون بذلك في نفس الأمكنة وعن طريق نفس القنوات التي يمررون اليوم من خلالها خطابهم المغالط. حينها ستسقط ورقة التوت ويعرف الجميع انه لا انأ ولا أنت ولا أمثالنا يهذون وإنما هي الحقيقة عين الحقيقة.
أرجو لك مقاما سعيدا في ضريحك وأرجو لك الله من كل قلبي أن يتغمدك برحمته ويدخلك فسيح جناته إنه القادر على ذلك وهو السميع العليم بنواياك الطيبة وامتعاضك من الظلم وإبائك للضيم وعملك على تغيير مناكر مترسخة لا يكاد لسان أن يلمح إليها ولا بنان أن يشير اتجاهها.
اللهم انك تعلم مكانة قول الحق في وجه السلطان الجائر وكان قد قام بها بأبلغ طريقة فأثبه على ذلك وإذا ما كان له من هفوات فتجاوزها عنه واغفرها له يا حنان يا منان يا كريم يا رحمن يا رحيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحابته أجمعين.


هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

SOS système educative en danger
oul bahiyya anarchique et demagogique marginalise les cadres vrais du ministère. toujour avec oul louleid (ignorant professeur adjoint darabe et DREN corrompu arrogant avec les fonctionnaire surtout nous de sa direction victime de son arrogance) SOS SOS SOS SOS
Fonctionnaires DRH